شُمُوخُ طِفلة !!

أيناكِ يا أُمِّي ؟
وأنتظركِ كُلَّ ليلةٍ حينما أُغمِضُ
عَينَيْ الصغيرتين
ويحدوني الشوقُ إليكِ أيّ أُمَّاه !!
أيناكِ يا أُمِّي ؟!
لما هَجَرتي أحلامي البريئاتِ ؟!
أيناكِ يا أُمِّي لتحكي لي عن زمان العزة
المنصرم و قوافل العزة التي تحدو نحو الأقصى ؟!
ألم تعديني يوماً أماه أنَّنا سَنُلامس
بجباهنا الأبيّة تُرابَ الأقصى المُبارك ؟!
وأننا يا أمي سنقطف من زيتون الأقصى
المُبارك ونشتمُّ رائحة النصرِ والعزة ممتزجةً برائحة الزعتر والزيتون الذي
لايزال يُعطِّر رحاب القدس رغم رائحة الغدر والموت والخذلان ؟!!

مَضَيتي يا أُمِّي
...فَمَن سيأخُذني إلى الأقصى !؟!

أيناكِ يا أُمّي! وزهور حديقتكِ البهيّة لم
يَعُد يفوح شذاها كما بالماضي !!
ويكأني بزيتونتكِ التي زرعتِها وتعدتِها
منذ سنين ,ويكأني بها تُسائلني :
أين مَن كانت تسقيني كُل يوم مِن ماء بئرنا
العذبة !!

ذبُلَتْ يا
أُمِّي زيتونتكِ كما ذبُلَتْ ابنتكِ بعد
رحيلكِ !!


مضى شهرين على رحيلكِ أُمّاه , ولازالت
معلمتي "هند" تُسائلني كل صباح :
رنيم !! لما لم تَعُد جدائلكِ مُرتبةً كما بالسابق ؟ !

فتُسابقني دموعي لتخبرها أنَّ مَن كانت
تُتقن ترتيب جدائلي قد رحلت
يا معلمتي !!
قد رحلت
يا مُعلمتي !!

أيناكِ يا أمي !!
مَن بَعدكِ سيأخذني إلى مسجد غزة العتيق الأبيّ لنتلو معاً آيُّ ربي
في سكينةٍ وحبور !

مَن بعدكِ يا أمي سيُعِدُّ لي الفطائر
والخبز لأرسلها إلى بيوتات غزة التي أثخنها الجوع
والفقر والفاقة !!

لازالَ أخي الصغير "أحمد
" يُسائلني كُل يوم :

رنيم!!
أينَ أُمِّي ؟ ومتى ستعود ؟! وهل ستغيب طويلاً
كما غابَ أبي وأخي رامي ؟!!

فيعتصرُ القلبُ ألماً وحُزناً وأُجيبهُ :
أنْ يا أحمد قد ذهبت أُمي
إلى الجِنان بإذن ربي
حيث أبي وأخي رامي الذين قتلهم اليهود الغادرين !!

وسنذهب يا أحمد
إليهم يوماً بإذنِ ربي !

فيُقاطعني أحمد
ويسألني ببراءة الأطفال :
وهل سَتُعِدُّ لنا أمي
هناك الفطائر والحلوى التي أحبها يا رنيم ؟؟
فأجيبه بابتسامة وعبرات تخنق الفؤاد :
نعم يا أحمد ..

في الجَنَّةِ حلوى كثيرة !!

في الجَنَّة طعامٌ جميل!!

في الجَنَّة نعيمٌ لا يزول !!

آهٍ يا أحمد ليتني كما أنتَ !
لا
أحزن !
لا
أتوجَّع !
لا
أُدرك ما يجري حولي من مشاهد الغدر والظلم والخذلان !!

ولكنّ لا تحزني يا أمِّي على ابنتكِ ولا
تخافي على أحمد !
لن أنسى أبداً ما حييت ما كنتِ ترددينه
دوماً على مسامعي :
يارنيم :
أطفال غزّة ليسوا كما أطفال العالم !

أطفالُ غزّةَ رجالٌ !

أطفال غزَّة أبطال !
أطفالُ غزّة ليسوا سوى شهب محرقة وأعاصير مُدمّرة على اليهود
الغاصبين !!
أطفال غزَّة يارنيم ..تجارة رابحة ومشروع شَهادة في كل بيت من
بيوت غزّة !
هُم يا رنيم لَظَى نار مُحرقة ستُحرق جسد كل يهودي بإذن الله
وتُطهر أرض فلسطين من
دنسِ اليهود الغاصبين !

أعدكِ يا أمي :

لن
أستسلم ..لن أستكين ..لن أيأس ما حييت !

أعدكِ يا أمي ..
لن
يذهب دمُّكِ و دماء
أخي و أبي و دماء آلاف الشهداء التي رَوَت أرض غزة الأبية ,لن
يذهب هباءً !!

سنواصل المسير من بعدكم وسنحمل الراية
ونحدو نحو الأقصى المبارك ونُطهره من دنس اليهود
بإذن الله !

وسيصدحُ أخي أحمد
بالآذانِ مِن على مآذن الأقصى المبارك كما كنتِ
تخبريني دائماً !
اطمئني أي أمَّاه
!
فما دام في عروقي دمٌ يسري ..
فـلن
تموتَ الأماني !
ولن
يُعدَم الأمل !
ولن
يَضيع الأقصى بإذن الله
!!

أعدكِ
أمَّاه !


: : : : : :