منتدى عالم الإبداع
منتدى عالم الإبداع
منتدى عالم الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يجمع جميع المبدعين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
تصويت

 

 تفسير سورة القصص

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
messi
مشرف
مشرف
messi


عدد المساهمات : 242
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 14/05/2010
العمر : 26
الموقع : wailetsedik.mam9.com

تفسير سورة القصص Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة القصص   تفسير سورة القصص Emptyالخميس يونيو 03, 2010 4:24 am


بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله، نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديهِ، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنَّه
لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً .
تفسير سورة القصص Icon
نبقى مع الموضوع ..
[size=16]
[size=21]تفسير سورة القصص 009ry6nx1
تفسير سورة القصص
احبائي اليكم تفسير سورة القصص كما جاءت في الموسوعة الاسلامية اسلام بيديا.
ين يَدَي السُّورَة
* سورة القصص من السور المكية التي تهتم بجانب العقيدة "التوحيد، والرسالة، والبعث" وهي تتفق في منهجها ومقاصدها مع سورتي "النمل، والشعراء" كما اتفقت في جو النزول، فهي تكمِّل أو تُفصِّل ما أُجمل في السورتين قبلها.
* محور السورة الكريمة يدور حول فكرة الحق والباطل، ومنطق الإِذعان والطغيان، وتصور أشكال الصراع بين جند الرحمن، وجند الشيطان، وقد ساقت في سبيل ذلك قصتين: أولاهما قصة الطغيان بالحكم والسلطان، ممثلة في قصة فرعون الطاغية المتجبر الذي أذاق بني إسرائيل سوء العذاب، فذبح الأبناء، واستحيا النساء، بل وصل به الكبرياء إلى ادعاء الربوبية {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} والثانية: قصة الاستعلاء والطغيان بالثروة والمال ممثلة في "قارون مع قومه،" وكلا القصتين رمزٌ إلى طغيان الإِنسان في هذه الحياة، سواءً كان ذلك الطغيان بالمال، أو الجاه، أو السلطان.
* ابتدأت السورة بالحديث عن طغيان فرعون وعلوه وفساده في الأرض، ومنطق الطغيان في كل زمان ومكان.
* ثم انتقلت إلى الحديث عن ولادة موسى عليه السلام وخوف أُمه عليه من بطش فرعون، وإلهام الله تعالى لها بإلقائه في البحر ليعيش معززاً مكرماً في حجر فرعون كريحانةٍ زكية تنبتُ وسط الأشواك والأوحال.
* ثم تحدثت عن بلوغ موسى عليه السلام سن الرشد، وعن قتله للقبطيِّ، وعن هجرته إلى أرض مدين وتزوجه بابنة شعيب عليه السلام، ثم تكليف الله تعالى بالعودة إلى مصر لدعوة فرعون الطاغية إلى الله، وما كان من أمر موسى مع فرعون بالتفصيل إلى أن أغرقه الله، وتحدثت عن كفار مكة ووقوفهم في وجه الرسالة المحمدية، وبيَّنت أن مسلك أهل الضلال واحد.
* ثم انتقلت إلى الحديث عن قصة قارون، وبينت الفارق العظيم بين منطق الإيمان، ومنطق الطغيان.
*وختمت السورة الكريمة بالإرشاد إلى طريق السعادة وهو طريق الإِيمان الذي دعى إليه الرسل الكرام.
التسميَة:
سميت سورة "القصص" لأن الله تعالى ذكر فيها قصة موسى مفصلة موضحة من حين ولادته إلى حين رسالته، وفيها من غرائب الأحداث العجيبة ما يتجلى فيه بوضوح عناية الله بأوليائه وخذلانه لأعدائه.
نصر المستضعفين
{طسم(1)تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(3)إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ(5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ(6)}.
{طسم} الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن الكريم، والإِشارة إلى أن هذا الكتاب المعجز في فصاحته وبيانه مركبٌ من أمثال هذه الحروف الهجائية {تِلْكَ ءايات الْكِتَابِ الْمُبِينِ} أي هذه ءايات القرآن الواضح الجلي، الظاهر في إعجازه، الواضح في تشريعه وأحكامه {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} أي نقرأ عليك يا محمد بواسطة الروح الأمين من الأخبار الهامة عن موسى وفرعون من الحق الذي لا يأتيه الباطل، والصدق الذي لا ريب فيه ولا كذب {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي لقومٍ يصدقون بالقرآن فينتفعون .. ثم بدأ بذكر قصة فرعون الطاغية فقال {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ} أي استكبر وتجبَّر، وجاوز الحد في الطغيان في أرض مصر {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي جعل أهلها فرقاً وأصنافاً في استخدامه وطاعته {يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} أي يستعبد ويستذل فريقاً منهم وهم بنو إسرائيل فيسومهم سوء العذاب {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ} أي يقتّل أبناءهم الذكور ويترك الإِناث على قيد الحياة لخدمته وخدمة الأقباط قال المفسرون: سبب تقتيله الذكور أن فرعون رأى في منامه أن ناراً عظيمةً أقبلت من بيت المقدس وجاءت إلى أرض مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل، فسأل عن ذلك المنجّمين والكهنة، فقالوا له: إن مولوداً يولد في بني إسرائيل، يذهب ملكك على يديه، ويكون هلاكك بسببه فأمر أن يقتل كل ذكر من أولاد بني إسرائيل {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} أي من الراسخين في الفساد، المتجبرين في الأرض، ولذلك ادعى الربوبية وأمعن في القتل وإذلال العباد {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ} أي ونريد برحمتنا أن نتفضل وننعم على المستضعفين من بني إسرائيل فننجيهم من بأس فرعون وطغيانه {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} أي ونجعلهم أئمة يقتدى بهم في الخير بعد أن كانوا أذلاء مسخرين قال ابن عباس: {أَئِمَّةً} قادة في الخير، وقال قتادة: ولاةً وملوكاً {وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ} أي ونجعل هؤلاء الضعفاء وارثين لملك فرعون وقومه، يرثون ملكهم ويسكنون مساكنهم بعد أن كان القبط أسياد مصر وأعزتها {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ } أي ونملكهم بلاد مصر والشام يتصرفون فيها كيف يشاءون قال البيضاوي: أصل التمكين أن تجعل للشيء مكاناً يتمكن فيه ثم استعير للتسليط وإطلاق الأمر {وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} أي ونري فرعون الطاغية، ووزيره "هامان" والأقباط من أولئك المستضعفين ما كانوا يخافونه من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولودٍ من بني إسرائيل.
إلقاء موسى في اليم والبشارة بنبوته
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ(7)فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ(Coolوَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(9)وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(10)وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(11)وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ(12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(13)وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(14)}.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} أي قذفنا في قلبها بواسطة الإِلهام قال ابن عباس: هو وحيُ إلهام وقال مقاتل: أخبرها جبريل بذلك قال القرطبي: فعلى قول مقاتل هو وحيُ إعلام لا إلهام، وأجمع الكل على أنها لم تكن نبية، وإنما إرسال الملك إليها على نحو تكليم الملك للأقرع والأبرص والأعمى كما في الحديث المشهور، وكذلك تكليم الملائكة للناس من غير نبوة، وقد سلَّمت على "عمران بن حصين" فلم يكن نبياً {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} أي فإذا خفت عليه من فرعون فاجعليه في صندوق وألقيه في البحر - بحر النيل - {وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي} أي لا تخافي عليه الهلاك ولا تحزني لفراقه {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} أي فإنا سنرده إليك ونجعله رسولاً نرسله إلى هذا الطاغية لننجّي بني إسرائيل على يديه{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} أي فأخذه وأصابه أعوان فرعون لتكون عاقبة الأمر أن يصبح لهم عدواً ومصدر حزن وبلاءً وهلاك قال القرطبي: اللام في "ليكون" لام العاقبة ولام الصيرورة، لأنهم إنما أخذوه ليكون لهم قرة عين، فكان عاقبة ذلك أن صار لهم عدواً وحزناً، فذكر الحال بالمال كما قال الشاعر:
وللمنايا تُرَبِّي كلُّ مرضعةٍ*** ودورُنا لخراب الدهر نبْنيها
{إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} أي كانوا عاصين مشركين آثمين، قال العلماء: الخاطئ من تعمد الذنب والإِثم، والمخطئ من فعل الذنب عن غير تعمد {وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} أي قالت زوجة فرعون لفرعون: هذا الغلام فرحة ومسرة لي ولك لعلنا نسر به فيكون قرة عين لنا قال الطبري: ذكر أن المرأة لما قالت هذا القول لفرعون قال لها: أمَّا لك فنعم، وأما لي فليس بقرة عين، وقال ابن عباس: لو قال قرة عين لي لهداه الله به ولآمن ولكنه أبى {لا تَقْتُلُوهُ} أي لا تقتله يا فرعون، خاطبته بلفظ الجمع كما يُخاطب الجبارون تعظيماً له ليساعدها فيما تريد {عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} عسى أن ينفعنا في الكبر، أو نتبناه فنجعله لنا ولداً تقَرُّ به عيوننا قال المفسرون: وكانت لا تلد فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها قال تعالى {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي وهم لا يشعرون أن هلاك فرعون وزبانيته سيكون على يديه وبسببه {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} أي صار قلبها خالياً من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى، وقيل المعنى: طار عقلها من فرط الجزع والغم حين سمعت بوقوعه في يد فرعون {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي إنها كادت أن تكشف أمره وتظهر أنه ابنها من شدة الوجد والحزن قال ابن عباس: كادت تصيح واإبناه، وذلك حين سمعت بوقوعه في يد فرعون {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} أي لولا أن ثبتناها وألهمناها الصبر {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي لتكون من المصدقين بوعد الله برده عليها {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أي قالت أم موسى لأخت موسى: اتبعي أثره حتى تعلمي خبره قال مجاهد : قصي أثره وانظري ماذا يفعلون به ؟ {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي فأبصرته عن بعد وهم لا يشعرون أنها أخته، لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى وصل الصندوق إلى بيت فرعون وهي ترقبه مستخفيةً عنهم {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} أي ومنعنا موسى أن يقبل ثدي أي مرضعة من المرضعات اللاتي أحضروهن لإِرضاعه من قبل مجيء أُمه قال المفسرون: بقي أياماً كلما أُتي بمرضع لم يقبل ثديها، فأهمهم ذلك واشتد عليهم الأمر فخرجوا به يبحثون له عن مرضعة خارج القصر فرأوا أخته {فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} أي هل أدلكم على مرضعة له تكفله وترعاه ؟ {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} أي لا يقصرون في إرضاعه وتربيته قال السدي: فدلتهم على أم موسى فانطلقت إليها بأمرهم فجاءت بها، والصبي على يد فرعون يعلله شفقة عليه وهو يبكي يطلب الرضاع، فدفعه إليها فلما وجد ريح أُمه قبل ثديها، فقال فرعون: من أنت منه فقد أبى كل ثديٍ إلا ثديك ؟ فقالت: إني امرأة طيبة الريح، طيبة اللبن، لا أكاد أوتى بصبي إلا قبلني فدفعه إليها، فرجعت إلى بيتها من يومها ولم يبق أحدٌ من آل فرعون إلا أهدى إليها وأتحفها بالهدايا والجواهر فذلك قوله تعالى { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} أي أعدناه إليها تحقيقا للوعد كي تسعد وتهنأ بلقائه ولا تحزن على فراقه {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي ولتتحقق من صدق وعد الله برده عليها وحفظه من شر فرعون {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي ولكن أكثر الناس يرتابون ويشكون في وعد الله القاطع {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} أي ولما بلغ كمال الرشد، ونهاية القوة، وتمام العقل والاعتدال قال مجاهد: هو سنُّ الأربعين {ءاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أي أعطيناه الفهم والعلم والتفقه في الدين مع النبُوَّة {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أي ومثل هذا الجزاء الكريم نجازي المحسنين على إحسانهم.
قتل موسى القبطيَّ خطأً وخروجه من مصر
{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ(15)قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(16)قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ(17)فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ(18)فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ(19)وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلا يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ(20)فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(21)}.
{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} أي دخل مصر وقت الظهيرة والناس يخلدون للراحة عند القيلولة {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} أي فوجد شخصين يتقاتلان: أحدهما من بني إسرائيل من جماعة موسى، والآخر قبطي من جماعة فرعون {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} فاستنجد الإسرائيلي بموسى وطلب غوثه ليدفع عنه شر القبطي {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} أي ضربه موسى بجمع كفه فقتله، قال القرطبي: فعل موسى ذلك وهو لا يريد قتله إنما قصد دفعه فكانت فيه نفسه وكانت القاضية {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } أي هذا من إغواء الشيطان فهو الذي هيَّج غضبي حتى ضربت هذا {إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} أي إن الشيطان عدوٌ لابن آدم، مضلٌ له عن سبيل الرشاد، ظاهر العداوة قال الصاوي: نسبه إلى الشيطان من حيث إنه لم يؤمر بقتل القبطي، وظهر له أن قتله خلاف الأولى لما يترتب عليه من الفتن، والشيطان تفرحه الفتن ولذلك ندم على فعله {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} أي إني ظلمت نفسي بقتل القبطيِّ فاعف عني ولا تؤاخذني بخطيئتي {فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي إنه تعالى المبالغ في المغفرة للعباد، الواسع الرحمة لهم {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} أي بسبب إنعامك عليَّ بالقوة وبحق ما أكرمتني به من الجاه والعز، فلن أكون عوناً لأحد من المجرمين، وهذه معاهدة عاهد موسى ربه عليها وقيل: هو قسم وهو ضعيف {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي فأصبح موسى في المدينة التي قتل فيها القبطي خائفاً على نفسه يتوقع وينتظر المكروه، ويخاف أن يؤخذ بجريرته {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} أي فإذا صاحبه الإِسرائيلي الذي خلَّصه بالأمس يقاتل قبطياً آخر فلما رأى موسى أخذ يصيح به مستغيثاً لينصره من عدوه {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} أي قال موسى للإِسرائيلي: إنك لبيِّنُ الغواية والضلال، فإني وقعت بالأمس فيما وقعت فيه من قتل رجلٍ بسببك وتريد أن توقعني اليوم في ورطةٍ أخرى ؟ {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} أي فحين أراد موسى أن يبطش بذلك القبطي الذي هو عدوٌ له وللإِسرائيلي {قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} أي قال القبطي: أتريد قتلي كما قتلت غيري بالأمس ؟ {إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ} أي ما تريد يا موسى إلا أن تكون من الجبابرة المفسدين في الأرض {وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} أي وما تريد أن تكون من الذين يصلحون بين الناس.
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} أي وجاء رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه من أبعد أطراف المدينة يشتد ويسرع في مشيه قال ابن عباس: هذا الرجل هو مؤمن من آل فرعون {قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} أي قال له يا موسى: إن أشراف فرعون، ووجوه دولته يتشاورون فيك بقصد قتلك { فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} أي فاخرج قبل أن يدركوك فأنا ناصحٌ لك من الناصحين {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي فخرج من مصر خائفاً على نفسه يترقب وينتظر الطلب أن يدركه فيأخذه، ثم التجأ إلى الله سبحانه بالدعاء لعلمه بأنه لا ملجأ سواه {قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي خلصني من الكافرين واحفظني من شرهم - والمراد بهم فرعون وملؤُه - .
ذهاب موسى إلى أرض مدين وزواجه من ابنة شعيب
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ(22)وَلَمَّا وَرَدَ مآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ(24)فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(25)قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ(26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ(27)قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ(28)}.
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي قصد بوجهه ناحية مدين وهي بلدة شعيب عليه السلام {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي لعل الله يرشدني إلى الطريق السوي الذي يوصلني إلى مقصدي وغايتي قال المفسرون: خرج خائفاً بغير زاد ولا ظهر -مركب- وكان بين مصر ومدين مسيرةُ ثمانية أيام، ولم يكن له علمٌ بالطريق سوى حسن ظنه بربه، فبعث الله إليه ملكاً فأرشده إلى الطريق، ويروى أنه لما وصل مدين كانت خضرةُ البقل تتراءى من بطنه من الهزال، لأنه كان في الطريق يتقوت ورق الشجر {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} أي ولما وصل إلى مدين بلدة شعيب وجد على البئر الذي يستقي منه الرعاة جمعاً كثيفاً من الناس يسقون مواشيهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ} أي ووجد سوى الجماعة الرعاة امرأتين تكفَّان غنمهما عن الماء {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا}؟ أي ما شأنكما تمنعان الغنم عن ورود الماء ؟ ولم تسقيا مع السقاة ؟ {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} أي من عادتنا التأني حتى ينصرف الرعاةُ مع أغنامهم عن الماء، فنحن لا طاقة لنا على مزاحمة الأقوياء، ولا نريد مخالطة الرجال، وأبونا رجل مُسنٌّ لا يستطيع لضعفه أن يباشر سقاية الغنم، ولذلك اضطررنا إلى أن نسقي بأنفسنا قال أبو حيان: فيه اعتذارٍ لموسى عن مباشرتهما السقي بأنفسهما، وتنبيهٌ على أن أباهما لا يقدر على السقي لشيخوخته وكبره، واستعطافٌ لموسى على إعانتهما {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} أي فسقى لهما غنمهما رحمة بهما، ثم تنحى جانباً فجلس تحت ظل شجرة {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} أي إني يا ربّ محتاجٌ إلى فضلك وإحسانك، وإلى الطعام الذي أسُدُّ به جوعي، طلب من الله ما يأكله وكان قد اشتد عليه الجوع قال الضحاك: مكث سبعة أيام لم يذق فيها طعاماً إلا بقل الأرض وقال ابن عباس: سار موسى من مصر إلى "مدين" ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر، وكان حافياً فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه، وجلس في الظل -وهو صفوة الله من خلقه- وإن بطنه للاصقٌ بظهره من الجوع، وإن خضرة البقل لتُرى من داخل جوفه، وإنه لمحتاجٌ إلى شق تمرة {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} في الكلام اختصار تقديره: فذهبتا إلى أبيهما سريعتين، وكان من عادتهما الإِبطاء فحدثتاه بما كان من أمر الرجل، فأمر إحداهما أن تدعوه له فجاءته تمشي .. الخ أي جاءته حال كونها تمشي مشية الحرائر بحياء وخجل قد سترت وجهها بثوبها قال عمر: لم تكن بسلفع من النساء خرَّاجة ولاَّجة {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} أي إنَّ أبي يطلبك ليعوضك عن أجر السقاية لغنمنا قال ابن كثير: وهذا تأدبٌ في العبارة لم تطلبه طلباً مطلقاً لئلا يوهم ريبة {فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي فلما جاءه موسى وذكر له ما كان من أمره وسبب هربه من مصر قال له شعيب: لا تخف فأنت في بلدٍ آمن لا سلطان لفرعون عليه وقد نجاك الله من كيد المجرمين {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} أي استأجره لرعي أغنامنا وسقايتها {إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} أي إنَّ أفضل من تستأجره من كان قوياً أميناً قال أبو حيان: وقولها كلام حكيم جامع لأنه إذا اجتمعت الكفاية والأمانة في القائم بأمرٍ من الأمور فقد تمَّ المقصود، روي أن شعيباً قال لها: وما أعلمك بقوته وأمانته ؟ فقالت: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإني لما جئتُ معه تقدمتُ أمامه فقال لي: كوني من ورائي ودليني على الطريق، ولما أتيته خفض بصره فلم ينظر إليَّ، فرغب شعيب في مصاهرته وتزويجه بإحدى بناته {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} أي إني أريد أن أزوجك إحدى بنتيَّ هاتين الصغرى أو الكبرى {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} أي بشرط أن تكون أجيراً لي ثماني سنين ترعى فيها غنمي {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} أي فإن أكملتها عشر سنين فذلك تفضل منك، وليس بواجب عليك {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} أي وما أُريد أن أوقعك في المشقة باشتراط العشر {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي ستجدني إن شاء الله حسن المعاملة، ليِّن الجانب، وفياً بالعهد قال القرطبي: في الآية عرضُ الوليّ ابنته على الرجل، وهذه سُنة قائمة، عرض شعيب ابنته على موسى، وعرض عمر ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحُسْن عرض الرجل وليته على الرجل الصالح، اقتداءً بالسلف الصالح {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ } أي قال موسى: إنَّ ما قلته وعاهدتني عليه قائم بيننا جميعاً لا نخرج عنه، وأيَّ المدتين الثماني أو العشر أديتها لك فلا إثم ولا حرج عليَّ {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي والله شاهد على ما تعاهدنا وتواثقنا عليه.
عودة موسى عليه السلام إلى مصر
{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءانَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(30)وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ(31)اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإيْهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ(32)}.
{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ} أي فلما أتم موسى المدة التي اتفقا عليها قال ابن عباس: قضى أتم الأجلين وأكملهما وأوفاهما وهو عشر سنين {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} أي ومشى بزوجته مسافراً بها إلى مصر {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} أي أبصر من بعيد ناراً تتوهج من جانب جبل الطور {قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي ءانَسْتُ نَارًا} أي قال لزوجته امكثي هنا فقد أبصرت ناراً عن بعد قال المفسرون: كانت ليلةً باردة وقد أضلوا الطريق، وهبَّت ريح شديدة فرقت ماشيته، وأخذ أهله الطلق فعند ذلك أبصر ناراً بعيدة فسار إليها لعله يجد من يدله على الطريق فذلك قوله تعالى {لَعَلِّي ءاتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} أي لعلي آتيكم بخبر الطريق وأرى من يدلني عليه {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} أي أو آتيكم بشعلة من النار لعلكم تستدفئون بها {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} أي فلما وصل إلى مكان النار لم يجدها ناراً وإنما وجدها نوراً، وجاءه النداء من جانب الوادي الأيمن في ذلك المكان المبارك من ناحية الشجرة {أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي نودي يا موسى إن الذي يخاطبك ويكلمك هو أنا الله العظيم الكبير، المنزه عن صفات النقص، ربُّ الإِنس والجن والخلائق أجمعين {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} أي ونودي بأن اطرح عصاك التي في يدك {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} أي فألقاها فانقلبت إلى حيّة فلما رآها تتحرك كأنها ثعبان خفيف سريع الحركة انهزم هارباً منها ولم يلتفت إليها قال ابن كثير: انقلبت العصا إلى حية وكانت كأنها جانٌّ في حركتها السريعة مع عِظَم خلقتها، واتساع فمها، واصطكاك أنيابها بحيث لا تمر بصخرة إلا ابتلعتها تنحدر في فمها تتقعقع كأنها منحدرة في واد، فعند ذلك ولَّى مدبراً ولم يلتفت، لأن طبع البشرية ينفر من ذلك {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ} أي فنودي يا موسى: ارجع إلى حيث كنت ولا تخف فأنت آمنٌ من المخاوف، فرجع وأدخل يده في فم الحية فتحولت إلى عصا {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي أدخل يدك في جيب قميصك - وهو فتحة الثوب مكان دخول الرأس - ثم أخرجها تخرج مضيئةً منيرة تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق من غير أذى ولا برص {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} قال ابن عباس: اضمم يدك إلى صدرك من الخوف يذهب عنك الرعب قال المفسرون: المراد بالجناح اليد لأن يدي الإِنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه وبذلك يذهب عنه الخوف من الحية ومن كل شيء {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإيْهِ} أي فهذان - العصا واليد - دليلان قاطعان، وحجتان نيرتان واضحتان من الله تعالى تدلان على صدقك، وهما آيتان إلى فرعون وأشراف قومه الطُغاة المتجبرين على صدق نبوّتك { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} أي خارجين عن طاعتنا، مخالفين لأمرنا.


[center]تفسير سورة القصص 009ry6nx1
[/size]
[/size][/center]
تفسير سورة القصص User.aspx?id=2145146&f=841vp8xz8
يدا بيد من أجل رقي المنتدى .,


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wailetsedik.mam9.com
Sedy-Revenge
الإدارة
الإدارة
Sedy-Revenge


عدد المساهمات : 254
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 06/05/2010
العمر : 28
الموقع : https://wailetsedik.mam9.com

تفسير سورة القصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القصص   تفسير سورة القصص Emptyالخميس يونيو 03, 2010 4:50 am

بارك الله فيك على الطرح القيم أخي وائل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wailetsedik.mam9.com
 
تفسير سورة القصص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة القصص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عالم الإبداع :: قسم ديننا الحنيف :: منتدى القرآن الكريم-
انتقل الى: